الانقطاع عن التعليم وتأثيره في التحصيل الاكاديمي
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان يوم 24 كانون الثاني يوما دوليًّا للتعليم، احتفاءً بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية. ومصادفة لهذا اليوم، ومع استمرار الانقطاع عن التعليم في عدّة دول حول العالم، ومنها لبنان، يهمّ المدرسة المعمدانيّة الانجيليّة أن تسلّط الضوء على هذه المشكلة التي انعكست بنيويًّا في القطاع التربوي بشكل عام، كما تركت تداعيات نفسيّة في مختلف العائلات.
لقد احتفلت اليونسكو هذه السنة، للمرة الرابعة باليوم الدولي للتعليم متّخذة شعار: “تغيير المسار، إحداث تحوُّل في التعليم”. وشكّل الاحتفال هذه السنة منصّة لعرض أهمّ التحوّلات التي يجب تطويرها لإنقاذ الحقّ الأساسي للجميع في التعليم، وبناء مستقبل يتسم بقدر أكبر من الاستدامة والإدماج والسلم. ولأنّ هدفنا في ال BBS بناء الإنسان على قواعد السلام والإدماج والديمقراطيّة يهمّنا البحث مع أهلنا وأصدقائنا عن كيفيّة التعويض عن الخسائر التي لحقت بمتعلّمينا نتيجة للأزمات الوبائيّة والاقتصاديّة والسياسيّة التي تعصف في بلدنا اليوم.
تشدّد وجهة نظر اليونسكو على مهارات الحياة التي تهدف إلى تطوير مواقف المُوَاطَنَة عند المُتَعَلِّم واحترام محيطه والمحافظة على صحته وصحة الآخرين. ومن هذا المنطلق، تهدف ال BBS إلى تحديد الخسائر التي لحقت بالمتعلّمين جميعهم استنادًا إلى كلّ مرحلة من المراحل التعليميّة. ولعلّ أبرز هذه الخسائر ما نتج من تراجع في المستوى التربوي عند المتعلّمين جميعهم، ولكن بنسب مختلفة. ولهذه الغاية عملت إدارة المدرسة على وضع خطّة تربويّة لتعويض الفاقد التربوي:
-اعتماد امتحانات تشخيصية في بداية العام الدراسي diagnostic tests استنادًا إلى أنواع التقويم الثلاثة: التقويم القبلي ويسمى أحيانا بالتشخيص (Diagnostic) التقويم التكويني أو البنائي (Formative)، والختامي أو التقريري (Summative). وهذا ما بسّط المسألة التقويميّة بالنسبة إلى المتعلّمين نتيجة للظروف السيئة التي يعانون منها. كما اعتمدنا في بعض المراحل على التقويم المستمرّ منعًا لتراكم المحتوى التربوي عند المتعلّم ما يؤدّي إلى تضاعف مهامه التربويّة. فالهدف في ال BBS هو خلق بيئة تربويّة مريحة تحضن المتعلّم فيها، وتؤمّن له أفضل الظروف لتحصيل أيّ فاقد تربويّ طرأ نتيجة لهذه الظروف القاسية التي نمرّ بها.
مع العلم إلى أنّ طموح مؤسّستنا التوصّل إلى التقويم الذاتي أو الشراكيّ حيث يجري التقويم في مجموعات تضمّ المعلّمين، أو المُتَعَلِّمين، أو الإثنين معًا. لأنّ هذا النوع يضمن في إطار التقويم التكويني المتّبع في العديد من الدول منها فنلندا باعتبار أنّ الهدف النهائي للتقويم هو تطوير قدرة التلامذة على التقييم الذاتي (Self-evaluation)، ومساعدتهم على تعلّم مراقبة تقدّمهم وتصميم أنشطة التَّعَلُّم الخاصّة بهم ذاتيًّا على قاعدة الشمول، والاستمراريّة، وتعدّد وسائل التقويم، الارتباط بالأهداف، والتنظيم الجيّد والدقّة ليكون هذا التقويم اقتصاديًّا لا سيّما في هذه الظروف القاسية.
إلى ذلك كلّه تعمل ال BBS على تدعيم المناهج عبر المراحل الاكاديمية، والمواد التعليمية كافة، لتحديد المعارف والمهارات الاساسية، وذلك من خلال تطبيقات وأنشطة إضافيّة من دون أن تشكّل أعباء إضافيّة على كاهل المتعلّم المثقل أساسًا. وذلك بهدف تحسين فعاليّة العمليّة التعلّميّة التعليميّة بمواءمة التعليم على أصنافه الثلاثة: التعليم الحضوري، والتعليم من بعد، والتعليم المدمج. وهذا ما وفّر قدرة للمتابعة للمتعلّمين كافّة على اختلاف ظروفهم. فانعكس ذلك ارتياحًا لدى الأهل والأصدقاء والمجتمع المدرسي. ولا يمكن إغفال الصحّة النفسيّة التي إن لم ننجح بتأمين أقلّ مقوّماتها لن ننجح كمؤسّسة تربويّة تعنى بالتعليم بوصفه عملاً إنسانيًّا.
وفي متابعة لموضوع الدعم الأكاديمي سعت إدارة المدرسة المعمدانيّة الإنجيليّة إلى التواصل مع الأهل وذلك لتحديد الحاجات الأكاديميّة التي يفتقد إليها متعلّمينا. فبنهاية المطاف إنساننا مهما كان عمره فهو يملك كيانًا حرًّا مستقلاً. ومن هذا المنطلق نتعامل معه كتربويّين ضنينين بمصلحته الشخصيّة من خلال تخصيص الوقت الأطول للتعليم لذلك اعتمدنا خطّة الدعم الأكاديمي بعد انتهاء الفصل الأوّل لنحصّل ما يمكن تحصيله من خسارات تربويّة نتيجة للظروف التي أشرنا إليها آنفًا.
وفي مجال تدعيم المناهج عملت إدارة المدرسة المعمدانيّة الإنجيليّة على عقد اجتماعات دورية بين المنسقين في المراحل التعليميّة كافّة التي أجريت من بداية العام الدراسي لتحديد المهارات الأساسية والتي تستمر بشكل مستدَام، وستبقى بحالة انعقاد دائم حتّى نهاية العام الدراسي لسدّ الثغرات التي نتجت.
على أمل أن نكون في المدرسة المعمدانيّة الانجيليّة قد ساهمنا في تأمين مساعدة، ولو متواضعة، في تثبيت الصحّة النفسيّة للمتعلّمين الذين اختاروا مؤسّستنا لتحقيق أحلامهم التربويّة. ويبقى أن نؤكّد على الأهداف التي تشغل كلّ شخص يعمل في رحاب مؤسّستنا والتي تبدأ أوّلاً بالإنسان وتحقيق السلام وزرع المحبّة توصّلاً إلى خلق مجتمع مدرسيّ يفيض بهذه القيم.